
بقلم جيلاني فيتوري
تجسد قصة شيماء بوقميزة، التونسية المقيمة في باليرمو الإيطالية، ملامح الإرادة الصلبة والصبر الطويل، في رحلة محفوفة بالتحديات بدأت بخطوة جريئة نحو المجهول، وانتهت باستقرار نسبي وبروز اجتماعي لافت على منصات التواصل، دون أن تطفئ فيها جذوة الحلم بالعودة.
غادرت شيماء تونس ككثير من الشباب الحالم بمستقبل أفضل. دخلت أوروبا بتأشيرة سياحية نحو باريس، ثم قررت كسر القيود القانونية عبر ما يُعرف بـ”حرقة الفيزا”، لتبدأ مرحلة شاقة من العمل غير المعلن والمعيشة الهشة. تنقلت بين حضائر البناء، ثم اشتغلت في المقاهي والمطاعم، تتحدى الواقع الصعب، وتقاوم بالغربة والعزيمة.
مع مرور الوقت، انتقلت إلى مدينة باليرمو، التي تقول إنها وجدت فيها “رائحتها بالكامل”، لأن الإيطاليين هناك يشبهون التونسيين في الضحكة، والابتسامة، والعادات والتقاليد. في صقلية، استطاعت تسوية وضعيتها القانونية، واستعادت شيئًا من الاستقرار، وبدأت تبني حياتها من جديد، على أسس أكثر توازنًا.
ومع كل ما راكمته من خبرة ومعرفة، تحمل شيماء اليوم حلُمًا كبيرًا بالاستقرار في تونس، حيث تطمح إلى إنشاء مشروعها الخاص المتمثل في مصحة تجميل، تستثمر فيها ما اكتسبته من شهادات وخبرة مهنية في المجال، لتساهم في الدورة الاقتصادية وتحقق ذاتها في وطنها الأم.
شيماء لم تكتف بما حققته على المستوى الشخصي، بل جعلت من تجربتها رسالة ووعيًا موجّهًا للمهاجرين، حيث تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي، تنقل من خلالها تفاصيل واقع الجالية، وتفتح نقاشات حول الهجرة والعمل والاستغلال.
وتؤكد شيماء في رسالتها للمهاجرين أن العمل ولا شيء غير العمل هو مفتاح الاستقرار والتقدّم والنجاح، مضيفة أن الهجرة لا تكون خلاصًا إلا لمن يملك الإرادة والتصميم، بعيدًا عن الأوهامهي اليوم واحدة من الوجوه النسائية التونسية التي تلخّص واقع الهجرة بعين ناضجة وواعية، وتحمل في قلبها حنينًا لوطن غادرته اضطرارًا، وتحلم بالعودة إليه اختيارًا، مسلحة بالعزم والتجربة والطموح.